10‏/6‏/2016

العلاقات الاجتماعية في الإسلام تضمن للعالم الامن والرخاء والتعاون الصادق

تقوم العلاقات الاجتماعية في الإسلام على التكافل والتراحم الذي يحقق الترابط بين الناس في كل زمان ومكان على أساس من تقوى الله والإيمان به
لاشك ان إنسان اليوم يعيش في معزل عن أخيه الإنسان بسبب الطغيان المادي الذي أفسد الحياة الاجتماعية, فما عادت هناك قيم إنسانية تربط الناس جميعاً برباط التآخي والتراحم والتعاون والوفاء.. لقد بذل علماء النفس والاجتماع ومازالوا يبذلون قُصارى جهدهم لعلاج هذه المشكلة المتفاقمة ونشر الوعي الاجتماعي الذي يعيد للحياة بهجتها وجمالها بالترابط الإنساني والتعاون والمودة والولاء لكن دون جدوى, فقد باءت محاولاتهم بالفشل, وأخيراً بدأت الأنظار تتجه إلى القيم الإسلامية لتجد فيها العلاج الكافي والمضمون وذلك لأنها تمتاز بخصائص تحقق أسمى معاني العلاقات الاجتماعية التي تدوم قوية وصادقة في كل زمان ومكان… هذه جولة حول الموضوع.
خصائص ومميزات فريدة
من خصائص ومميزات العلاقات الاجتماعية في الإسلام انه نظام رباني بكلياته وجزئياته قد شرع الله فيه للإنسان كل جوانب الخير وهو أعلم وأحكم فالذي أحكم الخلق وأتمه أنزل التشريع وأتمه: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) – سورة »المائدة 3«.
فالنظام الاجتماعي في الإسلام يقوم على التكامل بين الأفراد الذكر والأنثى كل له رسالة محددة يكمل بعضهم بعضاً. والناس بمجموعهم تقوم حياتهم على التكامل لا على الصراع, تقوم على أن يحب الفرد المسلم لأخيه ما يحب لنفسه فهم كالبنيان وكالجسد الواحد يكمل بعضهم بعضاً. الغني مع الفقير تقوم حياتهم على التكامل والتكافل لا على الحسد والتباغض والصراع الطبقي المقيت. وأيضاً التكامل في المهمات المتعددة والمناشط والمواهب الإنسانية التي يكمل بعضها بعضاً, فلا يمكن للفرد أن يصنع لنفسه كل حاجاته ولكن الجماعة في الإسلام يتحقق في رحابها جميع معاني التكامل في الحياة والتكافل الذي يحقق مصالح الدنيا والآخرة.
والتكامل في هذا الجانب يميز النظام الاجتماعي في الإسلام ويحقق قوة الترابط بين أفراد المجتمع على أساس من التقوى التي تزكي علاقة المسلم بربه وتنمي الأخوة في الله وترسخ علاقة المسلم بأخيه المسلم وبمجتمعه وأمته. والأخوة في الله هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – في تأسيس المجتمع المسلم في المدينة المنورة, وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في المدينة المنورة وهي الطريق الواضح لبناء المجتمع المسلم في كل وقت وحين.
ومن هنا كانت تعاليم الإسلام في مجال العلاقات الاجتماعية ضوابط تمنع الإنسان من التردي في المجال الذي يبعده عن الشعور بالأخوة الإنسانية, أو يُثنيه عن تأدية ما يقوي الروابط الإنسانية بينه وبين أهله, أو يدعم روح التعاون بينه وبين بني وطنه, أو بينه وبين البشر جميعاً, فهي توصية بالوالدين وبالأقربين, كما تأمره بمساعدة الضعفاء والمساكين, وتقديم العون لكل صاحب حاجة, سواء كان قريباً منه أو بعيداً عنه, فمادام يطلب العون وهو قادر على توصيل هذا العون له فيجب عليه القيام بذلك, وقد وردت آيات وأحاديث تحث على تأدية هذا الواجب.
ففي باب الوصية بالوالدين يقول الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) – سورة »الإسراء 23«.
ولا ينبغي أن تتأثر معاملة الابن لوالديه باختلاف العقيدة, فلا يكون تباين العقيدة أو الرأي سبباً في الإساءة إليهما, يقول الله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها..) – سورة »العنكبوت 8«, وفي آية أخرى: (وصاحبهما في الدنيا معروفا) – سورة »لقمان 15«.
وكما وصى القرآن الكريم الأبناء بالإحسان إلى الآباء, فرض على الآباء حسن تربية الأبناء, فأمر بأن يختار الأب لابنه أفضل الأمهات بمعنى أن يحسن اختيار زوجته امتثالاً لما جاء في الأثر (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) – كذلك أوصى أن يختار لأولاده أحسن الأسماء ويقوم بتربيتهم أحسن تربية.
كما أوجب الإسلام على الزوج والزوجة مراعاة الحقوق الشرعية التي تستقيم عليها الحياة الزوجية السعيدة.
فإذا انتقلنا من نطاق الأسرة إلى دائرة أوسع في المجتمع, لوجدنا ان العلاقات الاجتماعية في الإسلام تشمل بأخلاقها وقيمها السامية ذوي القربى والأرحام, والجار ذي القربى والجار الجنب, كما أوصى بكل خير باليتيم والمسكين وابن السبيل… وكل الناس في كل زمان ومكان.
وهكذا تتسع دائرة العلاقات الاجتماعية في الإسلام إلى أن يتحقق التكافل الاجتماعي بكل أنواعه.
فهناك تكافل بين الفرد وأسرته وبين الأسرة وأسرة غيرها وبين الأسرة والجماعة وتكافل بين الجماعات وتكافل بين الشعوب والأمم. وكل ذلك في جهد تعبدي يرتقي بالفرد والجماعة. فالفرد حارس لمصلحته ومصلحة الجماعة, والجماعة حريصة على كل المصالح العامة والخاصة فهم في سفينة واحدة, بل هم كالجسد الواحد, وقد جاءت تفصيلات ذلك مرتبة وموضحة في نظام العلاقات الاجتماعية في الإسلام.
وبعد تحقيق التكافل بين أعضاء المجتمع المسلم يهدف النظام الاجتماعي في الإسلام إلى التعارف بين الشعوب والقبائل ومد جسور التواصل النافع والتعاون على البر حتى مع من يخالف في الدين.
قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) – سورة »الممتحنة 8« وذلك جزء من هدف التعارف الذي أراده الله سبحانه لبني البشر حيث قال جل وعلا: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم…) – سورة »الحجرات 13«.
خلاصة القول: إن العلاقات الاجتماعية في الإسلام نظام رباني يضمن للعالم كله الأمن والرخاء والتعاون الصادق والوفاء, في كل زمان ومكان.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق