لم يكن أمر تحديد الشعب المغربي لمصيره؛ بالأمر اليسير،
خصوصا في فترة الحماية الفرنسية ــ 1912- 1956
وحتى بعدها بقليل، فإصدار القوانين التنظيمية كان ياخد مسارا بطيئا، أجل
معرفة المغاربة للاستفتاء، وأي استحقاق انتخابي أخر، كشكل يسمح بمشاركة الشعب في
تحديد و تشكيل مؤسسات البلاد؛ التي كانت لا تزال تسير على الطريقة الاستعمارية.
بعد الاستقلال مباشرة، واصلت أعلى سلطة في البلاد
حماسها؛ ووجهت مساعيها نحو خلق مرجع قانوني، بأطر الحياة السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، فكانت أولى بوادر هذه الرغبة، إصدار ظهير في 3 غشت 1956 الذي أحدث بموجبه – المجلس
الوطني الاستشاري. الذي قلّد منصبه الرئاسي لشخصية بارزة ومثيرة للجدل في تاريخ المغرب، وهذا الشخص هو المهدي بن بركة، الذي كان عضوا في حزب الاستقلال آنذاك. واعتبر هذا المجلس؛ بموضع البرلمان رغم أن لم يكن يمارس أي سلطة رقابة تذكر، بل كان دوره استشاريا في أمور الميزانية والشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الوطني الاستشاري. الذي قلّد منصبه الرئاسي لشخصية بارزة ومثيرة للجدل في تاريخ المغرب، وهذا الشخص هو المهدي بن بركة، الذي كان عضوا في حزب الاستقلال آنذاك. واعتبر هذا المجلس؛ بموضع البرلمان رغم أن لم يكن يمارس أي سلطة رقابة تذكر، بل كان دوره استشاريا في أمور الميزانية والشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لكن هذا المجلس لم يكتب له الاستمرار، فقد تم تعليق
أعماله وحله سنة 1963،بعد أن صدر من الملك محمد الخامس قبل وفاته ما سمي بـ "
العهد الملكي"، إضافة إلى عامل أخر وهو انشقاق رئيس المجلس- المهدي بن بركة-
عن حزب الاستقلال، وأسس حزبا جديدا، ولم يمر على هذا سوى أشهر قليلة؛ حتى علق
العمل بالمجلس.
كانت هذه مجموعة من الأمور التي سبقت أول استفتاء على
دستور في المغرب، وأتى أيضا بعد صدور عديد القوانين التنظيمية، للحياة، والحريات
العامة، وأيضا بالخصوص القوانين و الظهائر المتعلقة؛ بتنظيم الاستحقاقات
الانتخابية،أولها ظهير 1 دجنبر 1959، وظهير المجلس الحضرية والقروية في يونيو
1960، إضافة إلى قانون الفئات المهنية التي كان أخرها المتعلق بالغرفة الفلاحية
قبل شهرين من الاستفتاء وبالضبط بتاريخ 24 أكتوبر 1962، عدت هذه النصوص المنظمة،
بمثابة الأسس التقنية والشكلية، لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المختلفة. ولم يتأخر
الموعد فقد أتيح للمغاربة مسلمين، ويهود، فرصة المشاركة السياسية، من خلال التصويت
على الدستور في 7 دجنبر 1962، بعد أن كان
وضع قانون يسمو فوق الجميع ، رغبة ملكية، ومطالب حزبية، وفرضا من واقع بلد ، يريد
بناء مؤسساته بعيدا عن الإرث الكولونيالي.
إعـــــــــداد الــدســتـور
بعد العهد الملكي ، الذي قطع فيه الملك محمد الخامس؛
وعدا للشعب بوضع وثيقة دستورية، ومع تصاعد
أصوات المطالبين بإنشاء هيئة تسهر على إعداد قانون سامي للدولة، وبالفعل تحقق هذا،
فبتاريخ 14 يونيو 1960،أعلن الملك محمد الخامس،تعين مجلس تأسيسي، يهتم بصياغة
الدستور، وتوزعت عضوية المجلس بين، رجال الدين والفقه والقضاء والعلم والمنظمات
الوطنية، والإقليمية، وربما كان هذا التداخل وكثرة الأعضاء المتدخلين، هو ما جعل
المجلس يتوقف عن أعماله، بعد نشوب خلافات وتجادبات بين الإطراف.
فشلت محاولات ومساعي الملك الراحل محمد الخامس، في إعادة
التوافق الى المجلس، وتوفي دون ذلك، في 26 فبراير 1961، وتولى ابنه المولى الحسن،
الذي يعرف في تاريخ المغرب، بالحسن الثاني، نصب ملكا واعتلى عرش المملكة، وبالضبط
في 2 يونيو 1961،ولم يلبث حتى أصدر ما يمكن تسميته بالدستور المصغر، سطر على
المبادئ التالية:
- المغرب دولة عربية، إسلامية
- الإسلام دين الدولة الرسمي، والعربية لغة رسمية
- استكمال الوحدة الترابية للوطن
- مساواة المواطنين في الحقوق، والواجبات
- فصل السلط ، واستقلال القضاء،وإقرار نظام استقلالي لتحقيق العدالة
- صيانة كرامة المواطنين ، كفالة حرياتهم الخاصة والعامة
- التزام بعدم التبعية، وتنمية الإنتاج
ورغم إصدار هذه الوثيقة ، فالقوى المختلفة ظلت عاجزة عن
تحقيق توافق، حول منهجية إعداد إقرار دستور البلاد، وهذا ما دفع الملك الحسن الثاني، للمبادرة إلى صياغة
الدستور وعرضه للاستفتاء في 7 يونيو 1962، بعد أن دعا الملك شعبه إلى المشاركة بكثافة
في الاستفتاء، بالرغم من انقسام القوى الحزبية والنقابية إلى معارضين، ومؤيدين.
غير أن جلها قام بتأييد مشروع الدستور وقررت المشاركة والتصويت ب < نعم > ،
وتقدم الأحزاب،آنذاك؛ حزب الاستقلال برئاسة " علال الفاسي"، فأخذوا
مبادرة تنظيم مهرجانات يدعون فيها المواطنين الى المشاركة في الاستفتاء، وأنظم الى
علال الفاسي اسمين بارزين أخرين، هما " المحجوبي أحرضان" و " عبد
الكريم الخطيب"، وأنظم إليهم أيضا ما كان يسمى بحزب حزب الأحرار المستقلين،
الذي كان نواة؛ ما عرف لاحقا بجبهة الدفاع الوطني.
أما المعارضين للدستور،فقد أجتمع الاتحاد الوطني للقوات
الشعبية ، المنشق عن حزب الاستقلال، وأصدروا بيانا ، رفضوا فيه المشاركة في
الاستفتاء، ودعوا الى تشكيل مجلس تأسيسي متوافق عليه، تخول إليه مهمية إنجاز
الدستور، و إصتفّ معهم أيضا، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ونقابة الاتحاد المغربي
للشغل، والحزب الشيوعي، والحزب الديموقراطي الدستوري.
ورغم
ذلك، فقد تم الاستفتاء، وصوّت المغاربة على الدستور، وسوّتوا المعارضين، وبلغت
نسبة المشاركة الى 77.8 في المائة،وصادقت عليه نيسبة قدّرت ب 80.10 في المائة،
وكان أول دستور للمغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق