7‏/7‏/2014

الحداثة ليست اوروبا

يجب أن لا نسقط في ذلك الترادف الخاطئ، القائل بان الحداثة هي اروبا.فهناك فرق بين الحداثة كمفهوم نظري؛ يحمل من القيم الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ما يجعلها في متناول الجميع. وبين حداثة اوروبا، التي لا تعدوا ان تكون وجها من اوجه التطبيق الكثيرة والممكنة للحداثة، وهكذا فإن اوروبا بمحاولاتها الناجحة؛ من اجل فرض هذا الطرح الذي يجيز لها الحداثة حصريا إنما هو توجه  فيه من الحيف والظلم الكثير، تجاه الامم الاخرى وثقافاتها، وابادة بطيءة ستخفي ملامح ثقافات وخلفياته التاريخية، لاتي تصاحب رؤى هذه الدول وخططها المستقبلية.
هذا الظلم من الاخر هو استمرارهم في جر كل ما يتعلق بالحداثة الى جانبهم، وهذا ما نجده في الجانب اللغوي أيضا، كونهم أول من ذكر مفهوم الحداثة، لينعثوا بها حالة من الاختلاف النسبي الذي لا حظوه بين ماضيهم لاذي كان برعاية الكنيسة، وبين حاضر صنعته جهات لم تكن لها نية ولا دوافع سوى وخز الضمير والنزوع الى الطبيعة، حيث كشفواأن الكنيسة والنظام الاقطاعي، كانوا يرعون تاريخا زائفا وفطرة خبيثة، عكس ما يدعون.

ورغم ان ما ذكر ليس سوى جانبا ضيقا من الحداثة، إلا انه يظهر لنا أن عمق الحداثة، يبرز امورا تجعلنا نطلب صميم هذه البنية المعقدة التي تدعى " الحداثة"  وبالتالي فوضع هذه التسمية لا تكفي لتتفرد اوروبا بالحداثة، كمفهوم متعدد الابعاد مليئ بالقيم الانسانية السامية، وترمي الى وجه اكثر عدالة وموافقة للفطرة البشرية، بحيث يجد فيها كل فرد مساحة للعب دوره أين كانت زاوية ركونه.
واعود لاقول إن الحداثة ليست اوروبا، لكني أقر لكم في طريق نزع جزء من الالتباس الذ جعلنا نعتنق هذا الترادف ونقدسه فكريا؛ ويجعله مفكرونا وممفتونا رابطا مقدسا في كتبهم، هو أن اروبا هي الوحيدة التي حققت شروط الدخول الى الحداثة، وشكلت نموذجا.
زرغم هذا فإنني لا زلت متمسكا على أن هنا الالاف غيرها يمكن لأي امة الوصول اليه ، بما فيها اوروبا نفسها، لذا وجب ان نسعى الى جعل ذواتنا في حالة استعداد لقبول حداثة على مقاسنا.
إن جعل الحداثة موضع نقاش، يتطلب انانية من نوع خاص، انانية بمنهج ونظرية تفرض "الحداثة" كمفهوم حامل لقيم ومسائل هي التي تكفل شرحها، ما يعني أن أي  مصطلح اخر يكون في السياق الذي تناقش فيه الحداثة، يجب أن يكون هاميشيا. خصوصا من مفاهيم من قبيل التاصيل والاصالة، الى جانب نقيضه المعاصرة، فهذه التنائية لا تخلوا منها ساحة النص حينما يتذاكر المثقف مسألة الحداثة، لا تساوم بينها وبين هذه الثنائية، أو تدخل كوسيط  بين الاصالة والمعاصرة لتخفف عبء " الانا" المغذية بهذين لاشقين وأقصد هنا على الخصوص " الانا" المسلمة. المنظرون " للحداثة" كانوا يفكرون الى أبعد مدى، هذا المدى سأحاول ان أضعكم في بدايته. واقول إن هولاء الانسانيين الذين لم يكونوا سوى ثلة من الذين قرورا التفكير بعيدا، عن جزء خاص من الدين، هذا الجزء هو الذي يفصلنا  ليس عن الحداثة، بل عن مجرد التفكير فيها.

*

الحداثة حسب تعريف حان بوديار: الحداثة ليست فقط  هي واقع الانقلابات التقنية والعلمية ولاسياسية الحادثة منذ القرن السادس عشر، بل هي أيضا لعبة الرموز والعادات والثقافة، هذه اللعبة التي تعكس التحولات في البنية على مستوى الطقوس ةالتهيء الاجتماعي.


بقلم: طالب في جامعة ابن زهر- شعبة علم الاجتماع


أنصحك بقراءة ايضا
 سوسيولوجية بول باسكون، المرحلة الأهم في سوسيولوجيا المغرب *الجزء الاول* - الاخلاقيات-
 ما معنى الاستبعاد الاجتماعي
 أصدق وافضل موقع لربح المال من الأنترنت على الاطلاق




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق