قد تتعجب إذا عرفت أن غالبية عباقرة الفن والأدب وبعضهم حائزو جائزة نوبل كانوا يعانون من خلل جيني في المخ يجعلهم مصابون بالتوحد أو مايسمى “أسبرجر» وهناك نحو 21 من الكتاب والفلاسفة ومؤلفي الموسيقى والفنانين التشكيليين يذكرهم التاريخ أنهم كانوا يعانون من أعراض التوحد.. وبالرغم من أن الفن وحده كان يمدهم بعذابات ومتع متعذر تفسيرها أو تبريرها إلا أن هذا الاضطراب ومعاناته يعد في حد ذاته الطريق الوحيد للوصول إلى قمة القدرة على التخيل.
و من بين هؤلاء العباقرة هناك موتسارت و بيتهوفن ومايكل أنغلو و هيرمان مليفل و إسحاق نيوتن و أينشتاين و فان جوخ.ومن مشاهير التوحد نذكر أيضا:
والغريب أن الكاتبه تمبل جراندين قد وصفت في مقال بعنوان” العباقرة قد يكونوا غير طبيعيين” أن الملياردير العبقري الفذ وأغنى أغنياء العالم “ بيل جيتس” كانت به بعض الصفات التوحدية وأنه يعاني من صعوبة في التأقلم الاجتماعي.
أما العبقريان أينشتاين و نيوتن فقد أجمع المؤرخون على أنهما كانا يعانيا من صفات توحدية.فقد كان كلاهما لايستطيعا التأقلم مع الناس وكان لديهما صعوبة في التواصل مع الآخرين.وقد كانا ينهمكان في عملهما حتى يكادا نسيان الأكل. وكان نيوتن يتكلم قليلا جدا وكان عكر المزاج مع أصدقائه القليلين المقربين له.وكان إذا ألقى محاضرة لم يحضرها أحد من تلامذته كان يستكمل إلقاء المحاضرة والقاعة خاوية بدون حضور البتة.وقد عانى نيوتن عندما وصل سن الخمسين من بارانويا واكتئاب.أما أينشتاين فقد كان يتعامل مع الأشياء أكثر من تعامله مع الناس. وقد كان مجال اهتمامه وشغله الشاغل هو الفيزياء. يقول أحد الكتاب الذين عاصروا أينشتاين أنه زار معظم أفراد أسرته كانوا يعانون من الصفات التوحدية بالإضافة إلى صعوبة التعلم» الديسليكسيا».ولقد كان المقربون من ألبرت آينشتاين يقولون أنه كان لديه صعوبة في التكلم وكان يعيد الكلمة مرات عديدة عندما كان عمره 7 سنوات. ولما كبر كانت محاضراته صعبة الفهم وقد كان يسمى الاستاذ غائب العقل « absent minded”. وعندما تم تشريح جثته بعد الوفاة تبين أن مخه يحمل علامات مرض التوحد ومشاكل التحدث وقد كانت أول عبارة نطق بها وهو في الرابعة من عمره هي “ الصابون بارد أو the soap is cold “.
الطفلة « سارة «
كانت الطفلة « سارة « عند ولادتها تبدو بصحة جيدة وطبيعية، ولكن ما أن بلغت عامها الثاني حتى أدرك والداها أن هناك شيئا ما. فقد كانت «سارة» تتجنب المواجهة بالعين علاوة على أنها لم تكن تستجيب لابتسامات أمها أو تعابير وجهها الأخرى. وكانت تبدو عليها علامات البلاهة، وتمضي الساعات في لعبة واحدة مثل تمزيق الورق إلى قطع صغيرة.و عندما بلغت الثالثة والنصف من عم
رها، التقطت « سارة» من تلقاء نفسها قلما وبدأت ترسم. ومن دون أن تتلقى أية تدريبات، تمكنت الطفلة من تشكيل رسومات لجياد تجري بالاعتماد على الذاكرة يكاد لا يستطيع رسمها أشخاص بالغون تلقوا تدريبات جيدة على ذلك. وتوصف طفلة مثل سارة بأنها “نابغة متوحدة” وهي حالة نادرة تتسم بقصور عقلي واجتماعي حادين كما تتسم في الوقت ذاته بموهبة غامضة تظهر بشكل عفوي عادة قبل سن السادسة.
اسمه تريفور
يستمع لمعزوفة كان يعزفها أخوه على البيانو، فجلس على كرسي البيانو في اليوم التالي ليعيد عزف المقطوعة الموسيقية بشكل أفضل من عزف أخيه.
وقد تمثل تفسير معظم الباحثين لهذه المواهب الخارقة في ما يسمى التعلم القهري، ولكن البروفيسور آلان سيندر، مدير مركز أبحاث الذهن في جامعة سيدني والجامعة الوطنية الأسترالية، طرح تفسيراً جديدا لمثل هذه المواهب. ويقول: “لدى كل منا قدرة كامنة على غرار مهارات النوابغ المتوحدين، غير أن الآلية الذهنية تكون غير متيقظة عند معظم البشر”.
رأي مختص
ويعتقد البروفيسور سيندر ان النوابغ المتوحدين قادرون على استغلال القدرات الخارقة للذهن البشري، فالرؤية، هذه العملية البسيطة، تحتاج إلى عملية معقدة لمعالجة للمعلومات.فعندما ينظر الشخص إلى شيء ما، يقوم الدماغ على الفور بتقدير بعد هذا الشيء من خلال حساب الفروقات بين الصورتين المتشكلتين في شبكتي العينين. وخلال عملية التعرف إلى الوجه، يقوم الدماغ بتحليل عدد كبير من التفاصيل مثل نسيج الجلد وشكل العينين وعظم الفك والشفتين، ولكن معظم البشر لا يدركون هذه العمليات. ويقول سيندر: إن النوابغ المتوحدين يفتقرون إلى الطبقة العليا المسؤولة عن المعالجة الذهنية(التفكير بالمفاهيم واستنتاج الخلاصات)، الأمر الذي يمكنهم من الحصول على قدرة هائلة على تذكر تفاصيل عديدة جدا أو إجراء حسابات رياضية بسرعة البرق. ويؤمن سيندر بأنه من الممكن التوصل في المستقبل إلى تقنيات تمكن الأشخاص غير المصابين بالتوحد، من استخدام تلك الإمكانات الخارقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق