كانت الحرب على العراق، وستظل ، حربا من اجل
الدفاع عن نسق القيم الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية. فقد صرح الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في 4 غشت
من سنة 1990 قائلا : << أعمالنا، نمط عيشنا حريتنا وكذلك حرة البلدان
الصديقة في كل أنحاء العالم ستعاني إذا لم
تتحكم في اكبر احتياطات البترول>>.
اقتنعت منذ تلك اللحظة/ بأن حربا ستندلع
وأكدت ذلك في حوار مع إذاعة فرنسا الدولية في 17 شتنبر من عام 1990، قبل ثلاثة
أشهر من بداية الحرب في 17 من دجنبر من العام
1990 مع الشروع في عملية عاصفة الصحراء ضد العراق.
إن الحرب على العراق، قبل كل شيء، حرب على القيم
غير اليهودية والمسيحية، خاصة قيم المجتمع الإسلامي الذي يضم أكثر من 1.600
مليون مسلم، وينتشرون في مختلف بقاع العالم، كانت هذه الحرب متوقعة منذ أمد طويل . فقد أعلنت في 1978 خلال
نقاش بثته قناة " إن أش كا " اليابانية وشارك فيه سيرفيان شرايبر، أن الحروب
المقبلة ستكون ثقافية بالأساس.
لم يكن الأمر مجرد صدفة إذا كانت الصراعات
الداخلية والخارجية وكذا الحروب بالإنابة تتم في المناطق ذات الأغلبية المسلمة،
وهي تنتشر بشكل مثير في الشرق الأوسط، من أفغانستان إلى اليمن مرورا بدول الهلال
الخصيب، ولا نستثني تقريبا أي دولة من أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي الذي يبلغ عدد
أعضائه 57 دولة،. حروب أودت ب خمسة عشرة مليون مسلم خلال العشرين سنة الأخيرة، وهو
رقم قلما يعلن عنه.
كلفت الحرب على العراق أزيد من 600 مليار
دولار منذ 1991، وليست بعيدة عن ملايين قتيل وخمسة ملايين جريح دون الحديث عن
ضحايا سو التغذية. الهمجية ، تدمير المواقع الأثرية، سرقة المتاحف ونهب المكتبات
جانب من انتهاكات التي لحقت بذاكرة حضارات عريقة وتراث إنساني مشترك، ويجب على
اليونسكو، ربما، تن تعد حصيلة لهذه الأضرار دون إغفال الخسائر التي مست المؤسسات
التربوية والعلمية وكذا هجرة الأدمغة.
هذه الكارثة كلها تبدو نسبية في أعين تطرف
صلف جد أمريكي لا يزال يروم تحقيق هدفه الرسمي المتمثل في تصدير الديمقراطية والحياة الرغيدة إلى العراقيين، جزء لا باس به
من نخب دول العالم الثالث تبين عن انتهازية، حتى حتى لا نقول مركنتيلية، تسهل مهمة
الحكومات غير الشعبية أو الديكتاتورية، مما يؤدي
إلى تحالف ضد الطبيعة بين هذا النوع من الحكومات وعدد مهم من الدول
الغربية.
الحرب الحضارية الأولى
عوامل ثقافية هي التي كانت وراء تسميتي
للهجوم على العراق سنة 1991 الحرب الحضارية الأولى، إنها طريقة لتعريف قضية الشر وترسيخ تواصل ثقافي حقيقي بين
مختلف الدول أساسه احترام متبادل للقيم وهو تواصل لا يمكن للسلام أن يرى النور وقد
نشر هنتغتون في 1993 مقالا في مجلة " قضايا المستقبل" يقول فيه إن
الحروب المقيلة ستندلع، من وجهة نظره، لأسباب ثقافية إن الخطر يأتي من البلدان غير
اليهودية المسيحية، مبررا بذلك أطروحة الحرب الوقائية. وفي المقابل، تفسر معرفتي
بالدور الأساسي الذي تلعبه العوامل
الثقافية؛ تفسر دعوتي إلى التواصل الثقافي الأفضل بين الشمال والجنوب من أجل تفادي
نشوب صراعات جديدة ، وقد ترجم هذا الإيمان إلى فعل وملموس من خلال
خلق " جائزة التواصل الثقافي شمال-جنوب" التي تمنح سنويا منذ سنة
1992 وتمول من عائداتي من حقوق التأليف.
الحوار بين الثقافات
أؤمن، وسأستمر في الإيمان ، بإمكانات الحوار
السياسية والسوسيوثقافية بين الشعوب لأنه لا توجد سبل أخرى من أجل بناء حضارة
السلام، وهو أمر يتطلب وقتا لن يكون بالتأكيد ضائعا لكونه يؤدي إلى تحولات كبيرة
من شأنها أن تقوي التعددية الثقافية.
وتساهم الديمغرافيا بدورها في تنويع الثقافة
والتأطير الديني للعالم لن يتم إلا في غضون العشرين سنة المقبلة، وحظوظ اليهود المسيحيين
في استعمال تعابير صامويل هنتغتون ستنتقل من 33 في المائة من مجموع سكان العالم، وبعدها ذلك سيكون ثلاثة
أشخاص من أصل أربعة غير يهوديين مسيحيين وواحد من أصل ثلاثة مسلم، بالإضافة إلى
دول عظمى جديدة مثل الصين والهند والبرازيل التي يتجاوز عدد سكانها مجموع سكان
المعمور قبل قرب من الزمن.
ستحظى التعددية الثقافية في أقرب الآجال
ببرامج ديناميكية وجوهرية في ما يتعلق بالتربية والتواصل، وسيتجاوز عدد الأميين
المليار في الوقت الذي يظل فيه عدد الفقراء مرتفعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق