15‏/3‏/2018

النظرية الوظيفية روبرت ميرتون



ان ميرتون قدم موقفاً مخالفاً لغالبية مفكري الاتجاه الوظيفي، اذ نجده يقترب كثيراً من الموقف والتصور الماركسي ويبتعد كثيرا عن استاذه بارسونز في بعض القضايا، وذلك من خلال ثلاثة جوانب اساسية مهمة هي:(1)
- انه يحاول الغاء أي التزام ايديولوجي عن الاتجاه الوظيفي، فهو على حد رأيه في الوظيفي ان يمكن أن يقف موقفاً ايديولوجياً راديكالياً بقدر ما أن بإمكانه تبني موقفاً محافظاً.
- قراءته لواقع المجتمع الامريكي بقراءة ورؤية يستشهد بها بالرؤية الماركسية فهو يؤكد كثيراً على وجود ظواهر التغير والصراع والتناقض، وهي الظواهر والمظاهر التي تهدد بتحوّل كبير في البناء الاجتماعي ككل.
- استخدامه لمصطلحات ومفاهيم قريبة من اللغة الماركسية كرفض مسلمة الوحدة الوظيفية، وتأكيد امكانية بناء اسناد المجتمع الى عدم التكامل بدلاً من التكامل.
- ومن خلال هذا الانقلاب الفكري قدّم ميرتون تصوراً جديداً لخصائص ونطاق الاتجاه الوظيفي المحافظ. اذ أعاد تنظيم مسلمات الفكر الوظيفي (2)، وحدد فيه ماهو صحيح وصادق في مسلماته الوظيفية، وماهو باطل. ثم حدد القضايا والمشكلات التي يجب توفرها لدى الوظيفية لصياغة حلول لها. وانتقد بنفسه قبل انتقاد الماركسية الاتجاه المحافظ ويؤكد أن التحليل الوظيفي يعاني من التحيز نحو موقف محافظ ومضاد للتغير ومتعنت لفكره ويتضح ذلك من خلال معالجته لقضايا التناقض والتغير والصراع على أنها قضايا تصور متغيرات النسق الرئيسية.
في رأي ميرتون أن عملية التغير لا عكس فقط تباين المصالح داخل النسق، بل تعبّر أيضاً عن احتمال حدوث الصراع، ومن شأن هذه القضية أن تضع الصراع في جوهر النسق الاجتماعي. مما يعني أن ميرتون لم يكن بعيداً في هذا المجال عن كارل ماركس.
ومع ذلك لم يختلف ميرتون مع بارسونز اختلافاً صريحاً، بحيث أنه كانت الحالة الأساسية للنسق من وجهة نظر الوظيفية هي حالة التوازن والتكامل، فإننا نجد أن تالكوت بارسونز يؤكد على أن النسق الاجتماعي في حالة تلاؤمية مستمرة، يستهدف دائماً تحقيق التوازن الدينامي أو المتحرك، حتى أصبح هذا السعي الأخير هو الحالة الدائمة للنسق، ونجد الى جانبه أن ميرتون قد طوّر هذا الجانب والموقف ليؤكد أنه مثلما تشكل حالة التكامل والتوازن الحالة المرجعية للنسق فإنه من الممكن أيضاً ان يستند النسق الى عدم التوازن أو عدم التكامل.(4)
تكمن أهمية تحليلات ميرتون في تطور الاتجاه الوظيفي من خلال تحديثه، وذلك من خلال الاضافات والتحليلات والتفسيرات الجديدة، كمحاولة منه للتعرّف على التحليلات الوظيفية وعلى الأخص العلاقة المتبادلة بين البناء Structure والوظيفة Function وهذا ما جعل ميرتون يطرح نوعين من الوظائف التي تظهر في البناءات والأنساق الاجتماعية وهــــــي:
الوظائف الظاهرة والوظائف الكائنة.(1)
- الوظائف الظاهرة: وهي ذلك النوع من الوظائف التي يمكن ملاحظتها وتسجيلها بصورة سهلة وسريعة، والتي تعكس عموماً أهداف محددة للحفاظ على النسق أو الأعضاء الذين يشاركون فيه. أوهي تلك الوظائف الموضوعية التي تساهم بصورة ارادية في تكييف كيان معيّن .
- الوظائف الكامنة: وهي مجموعة الوظائف التي لا يمكن أن تظهر بصورة ظاهرة بل مستترة وغير مقصودة ومتوقعة، ولكنها أيضاً تكشف عن اجمالي الوظائف التي يمكن أن تسهم بصورة ايجابية أو سلبية (انحرافية) في نفس الوقت سواء للأعضاء ا والى النسق او التنظيم الاجتماعي ككل.
يعرف ميرتون الوظيفة تعريقاً موضوعياً بإنها:" نتائج يمكن ملاحظتها تحقق توافق وتكيف النسق " كما يعرف المعوٌّق الوظيفي على انه:" نتاج يقلل من امكانية تحقيق هذا التوافق والتكيف "(2). لم يهتم ميرتون بالجوانب الاستاتيكية بالبناء الاجتماعي، وفي هذا طرح فكرة المعّوق الوظيفي ليشير به الى تلك النتائج التي يمكن ملاحظتها من تكيف النسق أو توافقه، ويوضح أهمية هذا المفهوم بقوله:" ان مفهوم المعوقات الوظيفية بما يتضمنه من ضغط وتوتر على المستوى البنائي يمثل أداة تحليلية هامة لفهم ودراسة الدينامية والتغيّر ".(3)
ويرى ميرتون أنه لكي نستطيع تفسير وجود ظاهرة اجتماعية معينة علينا ان نبحث عن وظيفتها، أي النتائج المترتبة عليها بالنسبة للنسق الاجتماعي الأكبر الذي تمثل جزء منها وفي هذا يقول ميرتون :" محور اهتمام البنائية الوظيفية هو تفسير البيانات عن طريق الكشف عن نتائجها بالنسبة للبناءات الكبرى التي تضمها ".(4)
اميل دور كايم (1858_1917)
موضوع علم الاجتماع:
موضوع علم الاجتماع عند دور كايم هو الوقائع الاجتماعية، الممثلة في رأيه بالنظم الاجتماعية، وليس الافراد أو ما يرتبط بهم من حوافز ودوافع.
وحدة التحليل: ان منهج دور كايم مستند على الناحية الوظيفية التي تحافظ على النظام الاجتماعي واستقراره، هذا بالإضافة الى استخدام البحث الاجتماعي الإحصائي في دراسته المتعمقة و الدقيقة عن الانتحار في مختلف فئات الشعوب. مؤكدا" ان الانتحار ظاهرة فردية ترجع الى الفروق الفردية للأفراد والتي تنجم عن القوى والخصائص الاجتماعية التي تؤثر على وعي السلوك وتصرفات وقيم مواقف الافراد. لذلك فان ظاهرة الانتحار بالرغم من انها فردية إلا انها مسألة اجتماعية تفسرها التصورات الجمعية
عوامل التغير الاجتماعي: كان دور كايم يعزو التطور الاجتماعي الى ثلاثة عوامل: كثافة السكان،وتطور وسائل المواصلات،والوعي الاجتماعي. ويتميز كل مجتمع بالتضامن الاجتماعي. وقد كان التضامن في المجتمع البدائي تضامنا" ((آليا")) اذ كان يقوم التضامن على روابط الدم، ويتميز هذا النوع بأنه بسيط غير معقد التركيب، وغير مميز الوظائف، وكما ان الدين هو أقوى مظاهر الحياة الجمعية في هذا الشكل من المجتمعات ويغلب على هذه المجتمعات سيادة العرف والتقاليد والخضوع لسلطات العادات الاجتماعية ويسمي دور كايم هذه المجتمعات(( بالبدائية)). وأما المجتمع الحديث فالتضامن ((عضوي))،اذ يقوم على تقسيم العمل،أي على التعاون الطبقي لكسب ضرورات الحياة،وتتصف هذه المجتمعات بأنها معقدة التكوين حيث تتوزع فيها الوظائف والأعمال وتزيد درجات التخصص ويصبح الفرد أداة من أدوات النتاج وعنصرا" من العناصر الاجتماعية ويغلب على هذه المجتمعات سلطة القانون


هناك 3 تعليقات: