22‏/3‏/2015

عبد الصمد الديالمي: 9 أسئلة عن دعارة المتزوجات

















هذا الحوار اجرته جريدة الخبر المغربية مع السوسيولوجي المغربي " عبد الصمد الديالمي" في عددها 522 بتاريخ  السبت| الاحد 9- 10 فبراير 2013، وجاء الحوار في سياق تحقيق اجرته الجريدة حول دعارة المتزوجات، وبعتبر الاستاذ الديالمي أحد اهم السوسيولوجيين  المغاربة المهتمين بمسألة الجنسانية في المغرب والعالم العربي. من خلال تسعة اسئلة سنعرف على رأي السوسيولوجيا،حول دعارة المتزوجات بالمغرب.



= تقدر اخر دراسة قمت بترجمتها ، أن 5,5 في المئة من العاملات الجنسيات متزوجات. وبالنظر الى أن ظروف نشاط هذه الفئة تتسم بالسرية والكتمان، فإن هذه النسبة قد تتضاعف في الحقيقة. كيف تفسرون تنامي ظاهرة العاملات الجنسيات المتزوجات؟

من المسلم به أن  العمل الجنسي كله هو مثل" الجبل الثلجي" بمعنى  أن ما حفي منه أكبر وأعظم، فالظاهر من العمل الجنسي، عينيا  أو إحصائيا ، ما هو إلا الجزء الظاهر من ظاهرة تضطر الى الاختفاء والتحايل. العمال الجنسيون، نساءا ورجالا، مجموعة مهمشة ومقصاة، سرية وغير معلنة، لا هوية لها ولا وجود لها رسميا. فهي مجموعة لا تحظى باعتراف ديني او قانوني أو اجتماعي. إنها مجموعة مجرّمة ما دام العمل الجنسي مجرما عندنا بقوة القانون، فسواءا أكانت العاملة الجنسية متوزجة أو غير متزوجة، فإنها لا تعلن عن هويتها كعاملة جنسية، ويتعذر عليها أن تتبنى مثل هذه الهوية.
طبعا الامر أسهل بالنسبة للعاملة الجنسية العازب بالمقارنة مع العاملة الجنسية المتزوجة، فالعازب بإمكانها أن تكون عمليا عاملة جنسية مهنية ومحترفة، ـما المتزوجة فهي غالبا ما تكون عاملة جنسية  هاوية،ظرفية. العزوبية تتوافق أكثر مع امتهان العمل الجنسي ، خلافا للغازب، للمتزوجة واجبات جنسية زوجية وتربية الاطفال،ثم إنها غير مطالبة كزوجة بالانفاق أو المساهمة بالانفاق على اسرتها الزوجية؛ فذلك من مهام الزوج. من ثم يبدو لي أن العاملة الجنسية المتزوجة تكون عاملة هاوي وطرفية في غالب الاحيان، وتقوم بعملها بشكل أكثر حفاءا، وبشعور أكبر بالذنب، فهي ترتكب جرم الفساد وجرم البغاء وجرم الخيانة الزوجية.
وبالنظر الى عدم شرعية العمل الجنسي ككل، يصعب الحصول عل إحصائيات دقيقة. وليس في مستطاع  السلطات العمومية نفسها  أن تعلن عن عدد العاملات الجنسيات  في المغرب. يمكن أن نصل الى ارقام واحصائيات في الدول التي تعترف بالعمل الجنسي  والتي لا تجرمه، وحيث تؤدي العاملة الجنسية ضرائبها بصفتها مواطنة عاملة لها مداخيل معينة. لكن العمل الجنسي  ظاهرة تتجاوز دائما  الاطار المنظم، فحتى في الدول التي لا تجريم فيها للعمل الجنسي، توجد عاملات  جنسيات  سريات ومجهولات في سوق العمل الجنسي. وهن نساء لا تتبين أبدا هوية العاملة الجنسية.


= إذا لم يكن هناك إعتراف رسمي بالعاملات الجنيسات بصفة عامة ، فإننا نقف عند حالات نساء متزوجات حصلن عل إعتراف  ازواجهن، وموافقتهم عل الاشتغال في ما يسمى الدعارة، أي في العمل الجنسي؟

أولا بامكان القضاء في هذه الحالة متابعة الزوج والزوجة معا بتهمة الدعارة والتحريض عليها، ولذلك لا يمكن القول إن موافقة الزوج إعتراف رسمي. إنها تواطؤ في ارتكاب جرم، جنحة في هذه الحالة،  المهم في سؤالك هو الاقرارا بوجود ازواج يبيحون لزوجاتهم العمل الجنسي ، هذا أمر ينبغي أن نفكر فيه جيدا وان نحلله؛ طبعا. إنه اباحة اللامباح للزوجة من طرف الزوج الذي ليس لع الحق في ذلك، في هذه الحالة أعتقد أن الدافع الاساسي هو الفقر أو الحاجة الى المال، إما الفقر المدقع إذ يكاد الفقر أن يكون " كفرا" يبيج كل المحظورات، وإما الحصول على المال بأية وسيلة من أجل نحقيق أهداف معينة بغض النظر عن الاخلاق وعن الدين. من الصعب جدا القيام ببحث ميداني يستهدف هذه الازواج
لا يمكن القول إن المرأة التي تبحث عن المتعة الجنسية مع رجل اخر  غير زوجها، عاملة  جنسية.أن يسمح الرجل لزوجته بممارسة الجنس مع رجل اخر لانه يعجز عن اشباعها جنسيا شيء لا يعني  أننا في إطار العمل الجنسي. ثم إن الزبون في العمل الجنسي لا يفكر مطلقا في اشباع رغبات العاملة الجنسية، فذلك أمر لا يهمه وليس متضمنا في " العقد ". الأجرة للعاملة و المتعة للزبون، ولكل متعة  أجرها  حسب العقد المتفق عليه، من هنا استطيع ان الجزم بأن الزوجين اللذان يتفقان على عمل الزوجة الجنسي، يفعلان ذلك من أجل تحقيق وضمان دخل مادي للأسرة.


= هنا ظاهرة أخرى يمكن ان نسميها " الدعارة الانتقامية" ذلك أن عددا من الزوجات عندما يعلمن بأن أزواجهن يمارسن الجنس مع نساء أخريات، يلجأن الى الانتقام لأنفسهن، والقيام بنفس الممارسة، عبر البحث عن رجال اخرين لممارسة الجنس معهن؟

في حالة الانتقام لا تطلب الزوجة مقابلا ماديا، ذلك ان الزوجة عندما تعلم بأن زوجها يخونها مع إمراة اخرى ، فإنها تنتقم منه، وتمارس الجنس مع رجل اخر دون أن تطلب مقابلا ماديا، أما إذا طلبت مقابلا ماديا فهذا ليس انتقاما، بل هو " عمل جنسي ". طبعا وارد ان تضرب الزوجة عصفورين بحجر واحد، أن تمارس الجنس مع رجل أخر انتقاما من زوجها كقصاص، ورغبة ايضا في الحصول على مال وهذا عمل جنسي، وربما لأن زوجها لا يعطيها ما يلبي كل حاجياتها، الضرورية وغير الضرورية.


= ما هي أهم خصوصيات " دعارة" المتزوجات ، مقارنة مع العمل الجنسي الذي تقوم به غير المتزوجات؟

من الواضح أن المتزوجة التي لها نشاط في الحقل الجنسي لها إكراهات كثيرة، من بينها أنها تعمل أثناء النهار فقط، طبعا إذا لم يكن الزوج متواطئا، وهو في الواقع متواطئ في حالات نادرة. من تلك الخصوصيات إذن أن زمنية عمل المتزوجات تختلف عن زمنية العمل الجنسي لدى غير المتزوجة. هذه الاخيرة بإمكانها أن تعمل نهارا وليلا، وخصوصا ليلا، لأن الليل هو زمن المتعة الجنسية ، حيث يتخلص الانسان من ضرورات العمل ، بديهي ان العاملة الجنسية المتزوجة تعاني من إكراهات عديدة على رأسها التزاماتها وواجباتها الاسرية، أي ضرورة حضورها وتواجدها في البيت، خصوصا ليلا.


= هناك ايضا حالات تكون فيها ممارسة المتزوجة للجنس مع رجال أخرين يسبب البحث عن المتعة؟

في هذه الحالة، لا يجوز الحديث عن عمل جنسي، هنا يجب الحديث عن خيانة زوجية إما بسبب إحباط جنسي من الزوج إما بسبب ضخامة الرغبة الجنسية ولاافراط في الشبق... صحيح أن العمل الجنسي لدى المتزوجة هو ايضا خيانة زوجية ، خصوصا إذا كان الزوج لا يعرف ذلك. وهي الحالات السائدة. ويمكن ان تلتقي المتزوجة أو العازب في إطار العمل الجنسي بزبون ثم تتطور العلاقة الجنس-مالية لتصبح حبا وتتحول الى  علاقة قارة... في هذه الحالة نخرج من اطار العمل الجنسي، أي العلاقة لا تظل قائمة على المال، وغنما تخضع لسلطان المتعة والحب.


= هناك ردود فعل من طرف الزبون تجاه المرأة المتزوجة العاملة في الجنس؟

إذا علم الزبون بأن العاملة الجنسية متزوجة تتباين ردرود الأفعال. وارد أن يكون رد الفعل ايجابيا ومطبوعا بالشفقة والتفهم، كما وارد ايضا أن يكون سلبيا و احتقاريا. أن تكون العاملة الجنسية متزوجة سلاح ذو حدين، بحيث يمكن ان يلعب في صالحها، أو ينقلب ضدها.


=اضافة الى الاكراهات الزمنية التي تحدثنا عنها اعلاه، هناك إكراهات مكانية حيث نجد ظاهرة العاملات الجنسيات المتزوجات منتشرة أكثر في المدن الكبرى وشبه منعدمة في المدن الصغرى؟

سوسيولوجيا، هذا امر طبيعي فكلما كبرت المدينة كلما كبرت معها ظاهرة العاملات الجنسيات والمتزوجات بشكل خاص. وكلما  صغرت المدينة أصبح العمل الجنسي بشكل عام اكثر صعوبة واشد تعقيدا. وهذا امر يحيلنا على التقابل بين  المدينة والقرية بحث ان العمل الجنسي في القرى يكون منعدما. لذلك ان التجمعات السكانية القروية، تجمعات صغيرة جدا تطبعها علاقات القرابة والتعارف. وهذا المجال يكون لنظرة الاخرين وزن حاسم في حياة الشخص وفي مصيره الاجتماعي. اما في المدن، الكبرى منها على الاخص،  فبإمكان الفرد ان ينفلت من رقابة الجماعة، وان يعيش حياته الخاصة بمنأى عن نظرة الاقارب والجيران.

= هل يمكن للمتزوجة ان تمارس الجنس إذا ما تم الاعتراف القانوني به؟

إذا تم الاعتراف بالعمل الجنسي يمكن للمتزوجة ان تستفيد منه هي الاخرى، في هذه الحالة، لن تتابع بتهمة " الدعارة" وإنما بتهمة الخيانة الزوجية إذا ما ضبطت في علاقة جنسية مع غير زوجها.


= هناك أحصائيات رسمية لسنة 2006، تكشف ان اغلب السجينات في المغرب توبعن بتهمة الفساد. كيف تنظر الى هذه التهمة؟

 الفساد لا يحيل على العمل الجنسي فقط. الفصل 490 من القانون الجنائي يعتبر أن الفساد هو " كل علاقة جنسية بين شخصين لا يربط بينهما عقد زواج". من هنا، العلاقة الجنسية التي دافعها هو الحب مثلا تعتبر فسادا مجرما. هناك تكامل بين المفهوم الديني والقانوني للفساد. وينبغي القطع مع هذا المفهوم بالنظر الى تطور الاجتماعي والجنسي الحاصل. الكثير من المغاربة توقفوا عن اعتبار العلاقة الجنسية الغرامية الحرة فسادا...
إنه اعتراف بالحق في الجنس خارج الزواج، إنها عملية فعلية، فير واعية بذاتها، في بداية طريقها... لا بد من السبر في هذا الاتجاه الانسي، المتوافق ومنطق حقوق الانسان... سؤالي هو التالي: لماذا يتم السكوت عن وجود هذا الاتجاه الجنسي الحداثي في المجتمع المغربي؟ لماذا نستمر في إدراكه كإنحراف وكخلل؟ لماذا لا نرى فيه مؤشرا على انتقال جنسي بنياتي؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق