23‏/7‏/2014

محطات من تاريخ السوسيولوجيا بالمغرب.. والبحث عن الهوية - الجزء 2 -




تقاطعت مرحلة  التأسيس للسوسيولوجيا  في المغرب، مع  الصعود السياسي للإتجاهات اليسارية وتنامي مد الحركة الطلابية داخل الجامعات المغربية ؛ والتي عرفت تسييسا قويا خلال تلك الحقبة  انتهت بغلق معهد السوسيولوجيا سنة 1970 بقرار من السلطات العليا، وهو القرار الذي سيترتب عنه أفول التقليد السوسيولوجي في  مختلف جامعات المغرب. ومنذ ذلك الحين اصبح علم الاجتماع تخصصا منبوذا على الاقل من طرف السلطة ، وغير معترف به بل ينظر غليه كما لو أنه علم القلاق والعصيان.

في يناير عام 1973 تأسس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع، حيث كان مكتبه في بدايته يضم كل من : عبدالله حمودي و بول باسكون، عبد الكبير الخطيبي، و محمد جسوس، و محمد المعروفي بالإضافة إلى محمد الطاهري. وبينما كان يخوض السوسيولوجيون  نضالهم من اخل ترسيخ تقاليد السوسيولوجيا  وجعل لها اسسا داخل المغرب، لم تتأسس أي جمعية عربية إلا في منتصف الثمانينات .
ورغم التضييق بقيت الممارسة السوسيولوجية مستمرة وحاضرة بأشكالها المتعددة ومنها على سبيل المثال إصدار المجلة المغربية للاقتصاد وعلم الاجتماع المعروفة اختصارا واستمر في نشر  الدراسات  وشكلت متنفسا للاحثين في العلوم الاجتماعية، وسعمل عبد الكبير الخطيبي فيما بعد وتحديد في سنة 1998 على اصدارها تحت اسم جيدي هو.... كما بقيت اسئلة السوسيولوجيا متضمنة في تخصصات علمية أخرى كنوع من اللجوء الأكاديمي والمعرفي في انتظار رفع الحصار المنبثق عن منطق سياسي محض.
وفي بداية الثمانينيات ستعرف السوسيولوجيا تحولا جديدا وحذرا لان تجربة السبعينيات لا تزال راسخة وأثرها باقية، على الأقل في عقول اصحاب القرار، كما ان السوسولوجيا في هذه المرحلة لم تكن لتطمح الى الاستقلالية. إذ بقيت مندمجة في الجامعات المغربية مع الشعب الادبية والاقتصاد والقانون.
وفي هذا السياق الحذر تم تأسي المعهد الجامعي للبحث العلمي الذي تقلد منصب رئاسته عبد الكبير الخطيبي، غير ان المعهد هذا ، لم تمنح للباحث في لاسوسيولوجيا أية هوية حيث بقيت انتاجاته بعيدة عن الرقي بالمجال السوسيولوجي. كما أن الانتاج كان محصورا وخاضعا للعوامل الموضوعية ، كما ان الاطروحات الجامعية  التي تندرج ضمن تخصص السوسيولوجيا لم تكن ترى طريقها الى التتويج إلا فيما ندر مقارنة بالتخصصات الاخرى. وقد بقي الوضع على ماهو عليه حتى اواخر التسعينات، حيث ستعرف دينامية جديدة  وتحركت فيها الانتاج السوسيولوجي،  رغم انه كان مرتبطا بالابحاث لاقطاعية التي كانت تستجيب لمتطلبات الاجهزة والؤسسات الدولية او الرسمية المحلية. وهي بهذه المعنى لا تتجاوب مع الاستراتيجيات السوسيوسولوجية، وانما تشتغل لحساب استراتيجيات ظرفية ومملاة، مما يجعل السوسيولوجيا لاتتحكم ببرنامجها ومشروعها بقدر ما تؤول الى السوسيولوجيا تحت الطلب في اطار منطق السوق وليس في اطار الانسجام مع مقتضيات المجتمع.
وإذا كنا لا ننكر أهمية بعض اوجه هذا النوع من التوجه في لابحق الاجتماعي، إلا ان التوجس سبقى مشروعا لذوبان السوسيولوجيا النقدية والتفسيرية والتحليلية واستبدالها بسوسيولوجيا موقتة وظرفية وتبريرية  تبقى في خدمة الايديولوجيات ولوبيات القرار السياسي والاقتصادي والتجاري والمالي. وان  يرتد علم لااجتماع ليبع مناهجه وافكاره واسس مقابل تحقيل مكاسب مادية وهمية.
ولذلك لم تنعتق بعد السوسيولوجيا من الطابوهات من المواضيع ن وتبقى حبيسة موضوعات مشاكل روتينية، ولا تسعى الى إختلراق المجتمع وكشف الخدع والحيل والدجل الذي التي تمارس بإسمه لتهيمن عليه، ولا يزال علم الاجتماع مُهَرّبا لمصلحة من يجهلون فوائد السوسيولوجيا او من  يخشون ووجودها. 


أنصحك بقراءة ايضا

 محطات من تاريخ  السوسيولوجيا بالمغرب.. والبحث عن الهوية – الجزء 1-
 الأسرة .. وتطور أشكال الجنسانية 
 الحداثة ليست أروبا