25‏/11‏/2014

الاسرة .. وتطور أشكال الجنسانية

تعد الاسرة أهم الثيمات الاكثر مناقشة من طرف علم الاجتماع المعاصر، نظرا لما تعرف من تحولات في الشكل والجوهر.، ولما لها من تأثير على تفسير التغيير الاجتماعي وحتى الاقتصادي و التوجهات السياسية، والاثر الثقافي في المجتمع.. في موضوعنا هذا " الاسرة في زمن العولمة"، وبإرتباط مع الموضوع؛ في هذا المقال سنتعرف على التنشئة الاجتماعية، وكيف خلخت العولمة بنية التنشئة التقليدية.






                                                                 تطور اشكال الجنسانية

شاع إستعمال مفهوم "الجنسانية" sexuality  في الدراسات العربية بدلا من مفهوم الجنس الذي لم يعد يفي بالغرض، لإقتصار دلالته على البعد البيولوجي للظاهرة، بينما يقوم مفهوم الجنسانية على أربعة أبعاد هي : اللذة، الانجاب، المشاعر، والنوع الاجتماعي ( علاقة السيطرة بين الرجل والمرأة). ولعل اهم ما يميز بناء الهويات الجنسانية في البلاد العربية( وهي ليست حالة حصرية) هو بنيتها التراتبية، فالرجل ( الذكر) هو الفاعل الجنساني الوحيد، بينما  تعتبر المرأة (الانثى) المفعول به.  ويعتبر عبد الصمد اليالمي هذه الثنائية بمنزلة قضية مركزية في التنظيم الجنساني في المجتمعات العربية، ثم يعود ليعترف بكونها ميزة للنظام الابيسي في عموميته زليس حكرا على المجتمعات العربية.
عرفت المجتمعات العربية في العقدين الاخيرين تطزرات هائلة في الاطر الاجتماعية للجنسانية؛ إذ يوجد منها الشرعية وغير الشرعية، المقننة وغير المقننة، القديمة والحديثة... وتاتي الاسرة بمؤسسة الزواج الشرعي في مقدمة  الاطر، بالغضافة الى اطر أخرى بديلة أفرزتها عمليات التحول المجتمعي. ولعل أهم تلك الاطر البديلة الممارسات الجنسية
قبل الزواج غير التجارية، والبغاء، والاشكال البديلة عن الزاج التعاقدي الشرعي من الزواج العرفي وزاج المسيار وزواج المتعة.
ويعود تطور الجنسانية في البلاد العربية، بهذا الشكل الى مجموعة من العوامل منها، ارتفاع مستوى التعليم وتمديد فترته بخاصة لدى البنات، ودخول المرأة عالم الشغل مما نتج عن تراجع سن الزواج/ وبالتالي ظهور الحاجة الملحة الى إشباع جنسي بديل، كذلك الغستعمال الكثيف لوسائل منع الحمل خارج الزواج الشرعي، ومساهمة زسائل الاعلام وتقنيات الاتصال الحديثة والسياحة في نشر ايديولوجيا الاستهلاك الجنسي وفرض هيمنتها، فضلا عن الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيس فيها قطاع كبير من المجتمع بخاصة فئات الشباب( ازمة البطالة والسكن وإرتفاع المهور) التي عملت على تأجيج الزواج.


الجنسانية قبل الزواج

بينت دراسات ميدانية عديدة أن هناك ما يشبه حالة إنفجار في الجنسانية قبل الزواج، بخاصة بين الاناث، إنهم يقدمن  بأعداد متزايدة على ممارسة الجنس قبل الزواج رغم "عدم تخليهن عن فكرة المحافظة على البكارة". وقد لاوحظ ميل واضح لدى شرائح إجتماعية معينة لتطبيع ممارسة الجنس قبل الزواج والتساهل معها على الرغم من استمرار حالة التجريم من قبل القوانين الزضعية والتحريم الديني . واظهر بحث  ميداني أجري في المغرب نهاية السبعينات ان 9% من الشبان يقبلون التحريم الديني قبل الزواج، وأن 68 % من الشباب يمارسون الجنس كهدف لذاته45 % من الفتيات ( وهي نسبة معتبرة آخذين بعين الاعتبار الطابع المحافظ لمجتمع مسلم).  وقد ارتفعت تلك النسبة خلال التسعينات لتصل الى 65 من الفتيات اللواتي أكدن ممارستهن للجنس قبل الزواج على الاقل مرة واحدة. وفي تونس سجلت دراسات ميدانية عديدة انتشار الجنسانية قبل الزواج بين الشباب العزاب؛ حيث أقرت 80%  من عينة البحث ممارستهم للجنس مقابل 2 من الفتيات. لكن أغلبية الشباب العاملين مارسوا الجنس مع بغايا شرعيات أو سريات. أما طالبات الجامعات فقد وجدت دراسة اخرى ان هناك فارقا معتبرا بين التوقعات الاجتماعية الخاصة بجنسانية الفتيات ونشاطهن الجنسي  الفعلي؛ حيث تجاوز هذا الاخير سقف التوقعات بكثير. وفي لبنان كشفت دراسة أخرى ـن 30 % من تلاميذ التعليم الثانوي من الذكور كانت لهم تجربة جنسية مقابل 2 % من الفتيات. وأن 23 %  من الطلاب الجدد بالجامعة الامريكية دخلوا في علاقة جنسية.


الجنسانية البغائية

عرفت الجامعات العربية كغيرها ظاهرة البغاء منذ القديم، وانتشرت هذه الظاهرة بين الشباب من الجنسين بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية وزحف الفقر على قطاعات واسعة من المجتمع في البلدان العربية غير النفظية. غير أن العامل الاقتصادي لا يفسر وحده الانتشار الواسع لهذه الظاهرة ، بل هناك عوامل أخرى مثل تنامي النزعة الاستهلاكية التي دفعت فئات أخرى من الطبقات المتوسطة لممارستها. تلك هي حال قطاع كبير من فتيات وفتيان الكبقة المتوسطة الذين طمعوا في الاستفادة من ملذات واشكال الحياة العصرية فيلجأون الى ممارسة البغاء لتغطية الكلفة العالية لنمط حياة  يتجاوز بكثير قدراتهم المالية. زمن أهم أسباب انتشار الجنسانية البغائية فشل السياسات الاقتصادية في البلاد العربية غير النفظية، فضلا عن عوامل أخرى مثل تبني سياسات التعديل الهيكلي للإقتصاد التي فرضتها الهيئات الدولية على البلدان العربية (المغرب، تونس، الجزائر، مصر، الاردن) مؤدية الى انسحاب الدولة من الاستثمار، ما خفض الانفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، وتوسيع الخصخصة، فكانت النتيجة زيادة التفاوت الاجتماعي بشكل غير مسبوق، وتوسيع مساحات الفقر والتهميش، ورفع معدلات البطالة التي لا تقل عن 25% في معظم الحالات. يضاف الى العوامل السابقة ظهور السياحة الجنسية الت ييمارسها العرب الخليجيون في عدد من البلدان غير النفظية خصوصا مصر ولبنان وتونس والمغرب. وقد اصبحت مصدر رزق اساسي لقطاعات واسعة وموردا اضافيا لا يستهان به لعائدات تلك البلدان.


إقــرأ أيــــــضا

الاسرة .. في زمن العولمة – الجزء الاول-



الاسرة .. في زمن العولمة – الجزء الثاني-



الاسرة.. والاشكال البديلة للزواج الشرعي

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق