28‏/6‏/2016

النظرية الوظيفية الكلاسيكية في علم الاجتماع والتغيير الاجتماعي


الوظيفية الكلاسيكية:
وهي أعمال هربرت سبنسر وإيميل دوركايم وماكس فيبر وباريتو، فالتغير الاجتماعي يظهر في شكل إضافات في الحجم وتباين في المكونات يصاحبه دائماً عمليات للتكامل والتوازن.

أ – يتغير المجتمع من وجهة نظر هربرت سبنسر في ضوء نفس القوانين التي يتحول بها عالم المادة التي تتحول من حالة اللاتجانس واللا تحدد إلى حالة من التجانس والتحدد والانتظام، لقد اعتقد سبنسر أن القاعدة يمكن أن تنطبق على تطور الكون، والأرض، والكائنات البيولوجية، والعقل البشري، والمجتمع البشري، فالعالم اللا عضوي (عالم المادة) والعالم العضوي (عالم الكائنات الحية) والعالم فوق العضوي (عالم المجتمع) جميعها تخضع لنفس قوانين الحركة والتطور، وفي ضوء هذه الفرضية، نظر سبنسر إلى المجتمع على أنه كيان كلي يتكون من وحدات متميزة تنتظم وفقاً لترتيبات معينة في مكان محدد، ويشبه المجتمع في تكوينه الكائن العضوي، ولذلك فإنه عندما يتغير يخضع لنفس منطق تطور الكائنات العضوية، فالمجتمع ينمو في حجمه وهو عندما ينمو تتباين مكوناته وتصبح غير متشابهة وهنا يظهر ضرب من التباين البنائي، ولكن هذا التباين لا يفقد المجتمع تكامله فهو يطور دائماً أشكالاً جديدة لتكامل أجزائه المتباينة، وهكذا فإن المجتمعات تبدأ بسيطة، وتتحول بالتدريج إلى مجتمعات مركبة، إلى أن يظهر المجتمع الصناعي الذي يتميز بتباينه وعدم تجانسه الشديدين، وإذا كان المجتمع البسيط (والذي أطلق عليه سبنسر المجتمع العسكري) يؤسس تكامله على القهر والتعاون الإجباري، فإن المجمع الصناعي يؤسس تكامله على التعاون الاختياري.

ب – قدم إيميل دوركايم نظرية في التغير الاجتماعي تشبه إلى حد كبير نظرية هربرت سبنسر، دون التزام بالمماثلة العضوية أو تشبيه التغير في المجتمع بالتغيرات في عالم المادة أو عالم الكائنات الحية، وانطلق في رؤيته للتغير من منظور وظيفي يتأسس على فكرتي التباين والتضامن، ويتضح ذلك من العلاقة التي أقامها بين مفهوم تقسيم العمل ومفهوم التضامن الاجتماعي.
فتقسيم العمل تصاحبه ضرورة مختلفة من التباين الاجتماعي تتمثل في زيادة السكان وزيادة الكثافة الأخلاقية، بل إن هذه التباينات الاجتماعية هي التي تجعل العمل ضرورة، وهو في جوهره تعبير عن هذا التباين ودالة على حدوثه، فالمجتمعات تميل في تغيرها إلى أن تتباين في مكوناتها، بل إن حدوث أشكال من التباين يؤدي إلى زيادة الكثافة الأخلاقية (تنوع القيم والاتجاهات والميول والمعتقدات) وهذه بدورها تؤدي إلى تقسيم العمل، وهكذا.
غير أن المجتمعات لا تتحول دون ضوابط، فتحولها منضبط بقواعد ومعايير قانونية، وهنا يأتي مفهوم التضامن، فإذا كانت المجتمعات البسيطة (وهي مجتمعات غير متباينة) فهي مجتمعات تحقق تضامنها وتكاملها من خلال القانون القهري (فرض أسلوب واحد في الحياة والتفكير والسلوك) فإن المجتمعات الحديثة (وهي مجتمعات متباينة) تحقق تكاملها وتضمانها من خلال القانون المدني أو التعويضي (الذي يتيح إمكانية تعدد أساليب السلوك وتباينها) ولقد أطلق دوركايم على النوع الأول المجتمعات مجتمعات التضامن الآلي وعلى النوع الثاني مجتمعات التضامن العضوي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق