1‏/7‏/2014

النخب السياسية كموضوع سوسيولوجي -- الجزء الثاني ---




يفسر واتربوري اختراق النزعة الانقسامية، بعدم قدرة النظام على تغيير بنيته جذريا. إذ من طبيعة النظام الانقسامي، ان يعمل بإستمرار على تحقيق التزازن الداخلي، فعلى منوال القبيلة؛ حيث كلما حققت جماعة تقدما داخل النظام، قد يهدد التوازنات داخا النخب السياسية، ما سيؤدي الى بروز تحالفات الجماعات الاخرى لتحقيق التوازن او ارباك تلك الجماعة. ويبني واتربوري على ذلك استنتاجه الذي مفاده أن الفاعلين في اللعبة السياسية داخل نظام انقسامي يتعاملون مع السلطة من زاوية سكونية. لقد كان واتربوري يدافع عن اطروحات كلنر لتفسير التوازن الذي يسود النسق السياسي المغربي لما بعد مرحلة الحماية الفرنسية، ويعمل واتربوري على استخدام الانقسامية، بإعتبارها استراتيجية الحكم المركزي؛ بهدف اضعاف القوى السياسية المنافسة، حيث أوضح ان تقسيم الحقل السياسي المغربي ارتبط بطبيعة بنيته لاتنظيمية الفوقية، وبالثقافة الانقسامية المهيمنة عليه.

يعني ذلك انه للهيمنة او التحكم في اللعبة السياسية، حاولت الملكية توقع نمط الصراعات الاجتماعية التي قد يواكبها بروز قوى سياسية غير قابلة للترويض، أو ان نتوقع طبيعة المطالب الاجتماعية التي قد تتبناها القوى الموجودة أصلا، فيسهل عليها استباقها والالتفاف عليها بما يمكنها من أفراغ تلك القوى من مضمونها السياسي، وبالتالي سحب شرعيتها " النضالية" وخصوصا شرعية المعارضة. ولذلك فإن كل الانشقاقات الحزبية، والاحزاب الجديدة تظهر تباعا عشية الانتخابات، ولا تكون أيادي الادرارة بعيدةعن ذلك المشهد المألوف، ومما يعزز هذا التحليل التزايد في عدد الاحزاب بشكل تصاعدي منذ انتخابات 1977 حتى أخر انتخابات 2011.

ورهان الدولة قام على السعي الحثيث والمستمر ،من أجل ايجاد سند وخلفية لتقوية نفوذها وهيمنتها على المجتمع، من دون مراعاة متطلبات الدينامية السياسية، وبرأي ريمي لوفو 1985، لم يكن يتطلب بناء الدولة تشكيل نخب محلية وفية ومرتهنة للمخزن، ولم يكن لأجل ذلك مسموحا المس بالموضوع القائم في المجال القروي لما يضخه من تزازناتسياسةلأستقرار  نمط الحكم السياسي السائد. استخدام مبدا التعددية السياسية بغرض اضعاف المنافسة السياسية التي يحتمل ان تفرضها القوى لاسياسية على الملكية، هذا ما حاول واتربوري 1975 وجون لوفو 1985 أن يبرزاه معا في أبحاثهما، أي ما يمكن وصفه سوسيولوجيا بقيام نموذج مركزي فضفاض يقوم على الرعاية.











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق