7‏/2‏/2019

خلاصات كتاب "براديغما جديدة لفهم عالم اليوم" لـ: الان تورين

ينتهي تورين في مؤلفه «براديغما جديدة لفهم عالم اليوم» إلى خلاصات أساسية تساعد في فهم طبيعة التحول في المجتمعات المعاصرة.



1- نقطة الانطلاق هي العولمة، التي ليست في عرفنا عولمة الإنتاج والتبادلات وحسب، بل هي شكل متطرف من أشكال الرأسمالية، بنوع خاص، يقوم على الفصل التام بين الاقتصاد وسائر المؤسسات التي لا يسعها ضبطها والتحكم بها، لا سيما الاجتماعية منها والسياسية.


2- زوال الحدود هذا، من كل نوع، يجر إلى تفتيت ما كان يسمى مجتمعا.


3- الانهيار المتلاحق لمقولات التحليل والعمل الاجتماعية ليس حدثًا غير مسبوق، فقد كنا، في بداية الحداثة، نتمثل الواقعات الاجتماعية ونعبر عنها بمصطلحات سياسية، كالنظام والفوضى والسيادة والسلطة والدولة والثورة. لم نستبدل بهذه المصطلحات السياسية، إلا بعد الثورة الصناعية، أخرى اقتصادية اجتماعية، كالطبقات والكسب والتنافس والتوظيف والمفاوضات الجماعية. لكن التغيرات الراهنة هي من العمق بحيث تقودنا إلى التأكيد أن براديغما جديدة هي في صدد الحلول مكان البراديغما الاجتماعية، كما حلّت هذه الأخيرة محل البراديغما السياسية.


4- إن وقوف الفردانية منتصرة على أنقاض التصور الاجتماعي لوجودنا، يظهر هشاشة «أنا» تتبدل باستمرار بفعل ما تخضع له من مؤثرات. وإن تفسيرًا أكثر تأنيًا لهذه الحقيقة من شأنه أن يركز على دور وسائل الإعلام في تكوين هذه الأنا الفردية التي تبدو وحدتها واستقلالها مهددتين.


5- على أن لهذه الفردانية بعدًا آخر، ألا وهو أننا، في مجتمع نخضع فيه لا لتقنيات الإنتاج وحسب، بل لتقنيات الاستهلاك والتواصل، أيضًا، نسعى إلى إنقاد وجودنا الفردي، المميز. وهو ازدواج خلاق يلد، إلى جانب الكائن الإمبريقي كائنًا حقوقيًا يعمل على تكوين ذاته فاعلا حرا عبر نضاله من أجل نيل حقوقه.


6- لقد كان لدينا صورة عن قدراتنا الخلاقة، على الدوام، لكن، لطالما كان يتم إسقاط هذه الصورة ما وراء تجربتنا الخاصة. لقد اتخذت وجوهًا متتالية هي: الله، والدولة، والتقدم، والمجتمع اللاطبقي. أما اليوم فإننا مباشرة وبدون خطاب وسيط، نولي البحث عن ذواتنا أهمية مركزية. وإرادة الفرد هذه هي الذات الفاعلة.

7- إن وجود الذات الفاعلة كمبدأ تحليلي مشروط بشمول طبيعتها، فهي، كالحداثة، تقوم على مبدأين أساسيين: اعتناق الفكر العقلاني، واحترام الحقوق الفردية الشاملة، تلك التي تتخطى جميع الفئات الاجتماعية الخاصة. وقد تجسدت الذات الفاعلة أول ما تجسدت، تاريخيًا، في فكرة المواطنية التي فرضت احترام الحقوق السياسية الشاملة بغض النظر عن كل الانتماءات الطائفية. وأحد التعابير المهمة عن هذا الفصل بين المواطنية والطوائف هي العلمانية التي تفصل الدولة عن الكنائس.


8- لقد كان النضال من أجل الحقوق الاجتماعية قائمًا في صميم الحياة الاجتماعية والسياسية خلال الفترة التي كانت فيها البراديغما الاجتماعية مسيطرة، أما اليوم فقيام البراديغما الثقافية، يضع المطالبة بالحقوق الثقافية في الواجهة، مثل هذه الحقوق، وإن كان لا يزال يجري التعبير عنها بالدفاع عن نعوت خاصة، تخلع على الدفاع المذكور معنى شموليًا.


9- ينشأ على أنقاض المجتمع الذي زعزعته وهدمته العولمة صراع مركزي بين قوى لااجتماعية عززتها العولمة، كحركات السوق والحروب والكوارث المحتملة، من جهة، وبين الذات الفاعلة المحرومة من دعم القيم الاجتماعية التي تم القضاء عليها.


10- المعركة، رغم ما سبق، ليست خاسرة سلفًا، لأن الذات الفاعلة تجهد من أجل إيجاد مؤسسات وقواعد قانونية تدعم حريتها وقدرتها الإبداعية، ومحط الرهان في هذه المعركة هما المدرسة والعائلة.


11- بالعودة إلى التاريخ، كان تاريخ التحديث الأوروبي يكمن في استقطاب المجتمع بتكديسه الموارد والثروات، على أنواعها، في أيدي نخبة معينة وتحديده سلبيًا الفئات المقابلة والمتشكلة دونيًا. لقد كان هذا النموذج من الفاعلية بحثًا غزا قسمًا كبيرًا من العالم. لكنه كان أيضًا، بحكم طبيعته هذه بالذات، حافلًا بالصراعات والتوترات.


12- لقد كونت الفئات الاجتماعية الموصومة بالدونية، إبان هذين القرنين الأخيرين، ولا سيما فئة العمال، تليها فئة المستعمرين، والنساء في الفترة نفسها، حركات اجتماعية ترمي إلى التحرر. وقد تم للفئات المذكورة تحقيق الكثير من أهدافها، ما أدى، أولًا، إلى تخفيف التوترات الملازمة للنموذج الغربي، ولكن، أيضًا، إلى إضعاف دينامية هذا الأخير. والخطر يتهدد هذا القسم من العالم هو أنه لم يعد مؤهلًا لأن يضع نصب عينيه المزيد من الأهداف، ولا قادرًا على مواجهة صراعات جديدة.


13- لا مطمع لأي دينامية جديدة في أن تبصر النور إلا على قاعدة عمل قادر على إعادة جمع ما باعد بينه النموذج الغربي، بتجاوزه كل الاستقطابات. مثل هذا العمل بدأ يظهر من خلال حركات حماية البيئة، مثلًا، تلك التي تناضل ضد العولمة. لكن الفاعلات الرئيسات لهذا العمل، الآن وغدًا، هن النساء، لأنهن يشكلن، بفعل الهيمنة الذكورية، فئة دنيا، ويتولين قيادة عمل أشمل من معركتهن التحررية، يتمثل في التأليف بين كل التجارب الفردية والجماعية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق