«شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الإنترنت» للمؤرخ وعالم الاجتماع مانويل كاستلز، والمترجم إلى العربية من قبل هايدي عبد اللطيف عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
معلومات عن الكتاب
-
العنوان بالعربية: شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الإنترنت
-
المؤلف: مانويل كاستلز المترجم: هايدي عبد اللطيف
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
عدد الصفحات: حوالي 360 صفحة
-
سنة النشر (الترجمة العربية): تقريبًا 2017
المؤسّسة الفكرية والإطار العام
-
الكاتب يرى أن الحركات الاجتماعية التي ظهرت بعد 2010 لا تُشبه الحركات التقليدية — فهي حركات شبكية (networked social movements).
هذه الحركات تستند إلى شبكات اتصال (تقنية واتصالية) تتيح مشاركة المعلومات، التعبير الجماعي، والتنسيق بين الأفراد والمجموعات بعيدًا عن التنظيم الزمني/الهرمي المعتاد.
هناك تفاعل بين الفضاء الرقمي والفضاء المادي، أي الاحتجاجات ليست فقط عبر الإنترنت، بل تتجسّد في احتلال الفضاء الحضري (ساحات، شوارع، تجمعات) لخلق معنى عام، ولإظهار الوجود الاجتماعي والسياسي.
المحفّزات والدوافع
-
الغضب هو نقطة الانطلاق: هو شعور بالإهانة، الظلم، الإستياء من سياسات الدولة، التمييز، الأوضاع الاقتصادية، الفساد، القمع، الخ. هذا الغضب يتحول إلى أمل — أمل في أن الأمور يمكن أن تكون أفضل، أمل في التغيير. هذا التحوّل من الغضب إلى الأمل مهم جدًا في بنية الحركات.
-
عوامل مثل الأزمة المالية، عدم المساواة الاقتصادية، البطالة، فقدان الثقة في المؤسسات التقليدية، التفاوت بين المواطنين والنخبة، كلها توفر أرضية خصبة لانبثاق هذه الحركات
الهيكل التنظيمي والأسلوب
-
عدم المركزية والقيادية: الحركات غالبًا ما تكون بدون قائد واحد، أو بزعامة واضحة مركزية. التنظيم يتّخذ شكل شبكي، عدة عقد Nodes، وعقد تواصل عبر الإنترنت والمجموعات المحلية
-
الهجينة (hybrid): الجمع بين الفعل الرقمي والفعل في الشارع. الإنترنت لا يغني وحده، لكنه يسهل التعبير، التنظيم، نشر الرسائل، الحشد، التواصل. لكن لكي يكون للحركة تأثير ملموس، يجب أن تظهر ميدانيًا في فضاء عام حضري.
-
فعل الفضاء الحضري (Occupy the public space): احتلال الساحات، الشوارع، المباني العامة له تأثر رمزي كبير — إنه يظهر وجودًا ملموسًا، يُحسّنه التواصل بين الناس ويُظهِر أن الفعل الاحتجاجي ليس عبر الشاشة فقط.
الثقافة والرموز
-
بروز ثقافة جديدة للمجتمع المدني: حيث يمارس الناس شكلًا من أشكال المشاركة حتى لو خارج القنوات التقليدية، يفكرون في طرق ديمقراطية مباشرة، تنظيم ذاتي، شفافية، محاسبة، مشاركة أوسع.
-
هناك تركيز على القيم الرمزية: الكرامة، العدالة، المساواة، المشروعية السياسية، الاستقلالية، رفض التحيّز والفساد. هذه القيم ليست ثانوية، بل تشكّل جوهر الجاذبية التي يتجمّع حولها المحتجّون.
الإمكانيات والقيود
-
الإمكانيات:
-
الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي جعلت التعبير والاتصال أسهل، أسرع، وأكثر انتشارًا. تتيح نشر الرسالة، كسر الحواجز، تكوين التضامن عبر المسافات.
خلق فضاءات حرة للتواصل (spaces of autonomy) — فضاء لا تخضع فيه المعلومات بالكامل لسيطرة الدولة أو الإعلام الرسمي.
إمكانية تأثير في عقول الناس وبناء وعي جماعي جديد، حتى إذا لم تنجح الحركة في تغيير النظام بسرعة، فقد تغيّر القيم والأفكار، وربما تشكّل ضغطًا للتغيير فيما بعد.
-
-
القيود:
-
عدم وضوح المطالب في كثير من الحركات – فالحركة لا تُركّز دائمًا على أهداف سياسية محددة أو بدائل واضحة. هذا قد يضعف من قدرتها على التفاوض وتحقيق تغييرات ملموسة.
التحدي في مواجهة سلطة الدولة أو الأجهزة الأمنية، خصوصًا عندما تتداخل القوة مع العنف أو القمع. فالاحتجاج قد يُحرب، والمشاركة قد تُقمع.
-
القيود التقنية والتنظيمية: الوصول إلى الإنترنت، الرقابة على المحتوى، التهديدات الأمنية، التشتت بين المجموعات، الضغوط الاقتصادية التي قد تضعف استمرارية الحركة. (كاستلز يناقش كيف أن كثيراً من الحركات تواجه صعوبة في الاستمرارية بعد زمن معين، أو في التوسع beyond نقطة معينة)
-
أمثلة تطبيقية تساعد توضيح الفكرة
-
الربيع العربي: كيف بدأت الثورة في تونس، مصر، حيث احتل الناس الفضاء العام، استخدموا الإنترنت للتنسيق والنشر، وتحولت الحركة بسرعة من احتجاجات محلية إلى موجة إقليمية.
-
حركة Indignadas / 15-M في إسبانيا: كيف تحوّلت حركة احتجاجية اقتصادية إلى حركة قيمية، تقوم على التجمعات، النقاش العام، المطالب التشاركية، والمشاركة المباشرة، دون اعتماد على الأحزاب التقليدية.
Occupy Wall Street: نموذج لحركة بلا مطالب دقيقة في البداية، تندد بالنظام المالي، التفاوت، الفساد، وتستخدم الفضاء العام والاحتلال الرمزي كوسيلة للتعبير.
مختصرات من الكتاب
الحركات الشبكية تمثل شكلًا جديدًا للحراك المدني: أقل هرمية، أكثر مشاركة، أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا، وأكثر قدرة على الزخم السريع، لكنها تواجه صعوبة في الاستمرارية والتنظيم السياسي الطويل الأمد.
التكنولوجيا ليست عاملاً خارقاً بحد ذاتها، لكنها تُعدّ بنية أساسية: الإنترنت يساعد في التعبير، التنسيق، نشر الأفكار، لكن التأثير السياسي الفعلي يحتاج أيضًا إلى الفعل الميداني، التنظيم، المطالب الواضحة، القدرة على التواصل مع الجمهور الأوسع، وربما تحالفات مع مؤسسات قائمة.
الفضاء العام المادي لا يزال ضروريًا: احتلال الساحات، التجمّعات، التواجد الجسدي مهم جدًا لإظهار القوة الرمزية، لإثبات الوجود، ولخلق تواصل إنساني مباشر لا يمكن للفضاء الرقمي وحده توفيره.
القيم والثقافة تلعب دورًا مركزيًا: الكرامة، العدل، الشرعية، الأمل، التضامن، المشاركة كلها عناصر تزيد من الجاذبية والنوعية الأخلاقية للحركات، وتجعلها ليست مجرد احتجاج اقتصادي أو شعبي فحسب، بل دعوة لإعادة تشكيل العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة.
التغيير السياسي يتحقق تدريجيًا، إن لم يكن دائمًا بشكل مباشر: حتى عندما لا تُحدث الحركات تغييرات مؤسسية فورية، فهي تؤثر في المناخ العام، تُعيد تعريف ما هو ممكن، تغيّر الخطاب العام، تُلهم حركات أخرى، وتكوّن شبكة من الأمل.
خطر الاستسلام للعنّف أو التطرّف: التحديات كبيرة، وواحد منها هو أن الحركة تفقد هويتها إذا اتجهت نحو العنف أو اذا حاولت أن تُصبح مماثلة للسمات التي كانت تنتقدها. أيضاً التمزّق بين الأهداف الرمزية والقوى العملية قد يؤدي إلى خيبة أمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق