Translate

مراحل تطور علم الاجتماع من الأفكار الفلسفية الى المنهج العلمي

 



مراحل تطور علم الاجتماع من الأفكار الفلسفية الى المنهج العلمي

 المرحلة 1: المرحلة الفلسفية القديمة (اليونان)

في هذه المرحلة ظهرت أوّل محاولة لفهم المجتمع بطرق عقلية، خصوصًا عند أفلاطون الذي تخيّل “المدينة الفاضلة” ووضع نظامًا للمجتمع المثالي القائم على العدالة وتقسيم الأدوار. ثم جاء أرسطو وقال إنَّ “الإنسان كائن اجتماعي بطبعه”، وهو أول من ربط طبيعة الإنسان بالحياة داخل جماعة. هذه المرحلة لم تُنتج علمًا مستقلاً، لكنها وضعت الأسئلة الكبرى: ما هو المجتمع؟ ما العدالة؟ كيف نعيش معًا؟


 المرحلة 2: المرحلة الإسلامية (ابن خلدون وعلم العمران)

قدّم ابن خلدون نقلة ثورية؛ فقد درس المجتمع بطريقة علمية قبل ظهور علم الاجتماع بقرون. تحدّث عن العصبية كأساس قوة المجتمعات، وعن الدورة الحضارية (نشوء الدول، قوتها، انهيارها)، وميّز بين الحياة البدوية والحضرية. ما فعله ابن خلدون هو أول تحليل حقيقي لبنية المجتمع وقوانينه، لذلك يُعتبر المؤسس الفعلي لأفكار علم الاجتماع.


 المرحلة 3: عصر التنوير والثورة الصناعية

في أوروبا، أدّت الثورة العلمية والتنوير إلى استعمال العقل في فهم الإنسان بدل الاعتماد على الدين فقط. ثم جاءت الثورة الصناعية وغيّرت المجتمع جذريًا: ظهور المدن، المصانع، الفقر، التفاوت الطبقي، انهيار الروابط التقليدية. هذه التغيّرات خلقت أسئلة جديدة: لماذا تحدث المشاكل الاجتماعية؟ كيف نحافظ على النظام؟ هنا بدأت الحاجة إلى علم يدرس الظواهر الاجتماعية بشكل منظم.


 المرحلة 4: مرحلة التأسيس الرسمي (أوغست كونت)

يُعتبر أوغست كونت الأب الرسمي لعلم الاجتماع. هو أول من استخدم كلمة Sociology – علم الاجتماع، ودعا إلى دراسته كما ندرس العلوم الطبيعية. طرح قانون المراحل الثلاث لتطور الفكر (لاهوتي – ميتافيزيقي – علمي) واعتبر أن المجتمع يخضع لقوانين يمكن اكتشافها بالملاحظة والتجريب. في هذه المرحلة، انتقل علم الاجتماع من أفكار فلسفية إلى مشروع علمي واضح.


المرحلة 5: مرحلة الرواد الكبار وتنوع النظريات (دوركايم – ماركس – فيبر)

جاء ثلاثة مفكرين عظام طبعوا علم الاجتماع بعُمق:

  • دوركايم: ركّز على “التضامن” والروابط الاجتماعية، ودرس الظواهر الاجتماعية كحقائق مستقلة.

  • ماركس: حلّل المجتمع من خلال الصراع الطبقي والاقتصاد والرأسمالية.

  • فيبر: ركّز على الفعل الاجتماعي والعقلنة، ودرس دور القيم والدين.
    هذه المرحلة جعلت علم الاجتماع علمًا حقيقيًا غنيًا بالنظريات، لكل منها زاوية مختلفة لقراءة الواقع.


 المرحلة 6: العصر الحديث وتطور علم الاجتماع المعاصر

دخل علم الاجتماع الجامعات، وتطوّرت مناهجه بين كمي و نوعي، وظهرت مدارس عديدة مثل: الوظيفية، الصراعية، التفاعلية الرمزية، النسوية، المدرسة النقدية. كما ظهرت فروع جديدة: الاجتماع الحضري، التربوي، السياسي، الطبي، الرقمي…
اليوم يُستخدم علم الاجتماع لتحليل العولمة، الإعلام، الهوية، الجندر، الهجرة، الذكاء الاصطناعي. لم يعد علمًا نظريًا فقط، بل أداة لفهم المجتمع وحل مشاكله وصناعة السياسات.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق